صلاح المختار
8-قام نظام اسد في مرحلتي حكم الاب حافظ و الابن بشار بتحويل سوريا من قلب العروبه النابض الى اهم منصات انطلاق الشعوبيه الفارسية ممثلة بنظامه واسرائيل الشرقيه التي اسست لها قواعد وكيانات لم تكن موجوده قبل اسد و هذا عمل خطير يشبه جلب المستوطنين الصهاينه الي فلسطين لاحتلالها بل هو اخطر بكثير لان تفريس سوريا والعراق يدعم ويكرس صهينة فلسطين ويبعد تحريرها لزوال او تقزيم العروبة في اهم قطرين قريبين من اسرائيل الغربية مؤهلين شعبيا ونفسيا للتحرير.وهذا يؤكد وجود رابط عضوي بين المشروع الاستعماري الاستيطاني الايراني في اكثر من قطر عربي والمشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني في فلسطين ونرى بوضوح ان الاثنين يكمل احدهما الاخر بوجود العامل المشترك بينهما وهو ازالة الهوية العربية من سوريا كما من العراق واليمن وغيرها بتهجير ملايين العرب وزرع اجانب محلهم . مما جعل نظام اسد طوال اربعة عقود احتياطا ستراتيجيا لكلا الطرفين المعاديين لامتنا العربية وهما الشعوبية الفارسية والصهيونية العالمية ، فكيف يمكن اعتبار الضربات التي صممت لاعادة تجميل وجه نظام اسد لاجل اطالة الحرب وعدم توقفها عدوانا مثل العدوان الثلاثي على مصر؟ 9-اذا كان المستهدف بالضربات هو قوات اسرائيل الشرقية ونغولها العرب والاجانب في سوريا مثلا هل سيكون ذلك مقبولا منا ام لا ؟ الجواب قدمه خامنئي وقبله خميني اللذان تعاونا علنا ورسميا مع اسرائيل الغربية وامريكا مثلا في ايرانجيت من اجل دحر العراق في الحرب التي شنها خميني لاجل غزوه ،وفي تلك الفضيحة استلم خميني سلاحا ودعما مخابراتيا من امريكا واسرائيل الغربية التي جندت ضباط الموساد لشراء اسلحة من اسواق العالم وارسالها لنظام خميني، او ما فعله خامنئي بالتعاون المفتوح مع امريكا من اجل تسهيل وانجاح احتلال العراق في عام2003 وكما قال نائب الرئيس الايراني محمد علي ابطحي: ( لولا المساعدة الايرانية لما نجحت امريكا في غزو افغانستان والعراق ) ! والاهم من ذلك هو قيام نظام خامنئي بتنفيذ خطة تدمير العراق بعد غزوه عبر مشاركته الرسمية في احتلال العراق وتكريسه بالاعتماد الرئيس من قبل امريكا على ميليشيات النظام الايراني في تشكيل الحكومة واجهزتها الامنية الفاشية واجراء تغييرات سكانية ملايينية وقتل اكثر من ثلاثة ملايين عراقي بعد الغزو فقط وتهجير مابين ستة وثمانية ملايين عراقي – حسب المرحلة - ولذلك كافأت امريكا نظام خامنئي بتسليم العراق اليه عندما اجبرتها المقاومة العراقية على الانسحاب في عام2011 .بل ان امريكا تعد واقعيا وعمليا هي من سلم لبنان لحزب الله وفقا لخطة شاملة بدليل انها منعت دعم وتسليح القوى اللبنانية التي كانت مدعومة من الغرب تقليديا والتي ارادت منع انفراد حزب الله بالسيطرة ،وسمحت ،اي امريكا ، بتدفق الاف الاطنان من السلاح والمال الايراني علنا الى لبنان لبناء قاعدة ايرانية فيه تمهد للسيطرة عليه مع انها كانت قادرة على منع او عرقلة او تقليص كل ذلك .وهنا نذكّر بأن امريكا منعت المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية من دحر اليمين اللبناني في سبعينيات القرن الماضي عبر الطلب من حافظ اسد دخول لبنان ومنع هزيمة التنظيمات اللبنانية المسلحة الموالية للغرب ليبقى لبنان متعدد الهوية وملغوما. واستنادا لمبدأ المعاملة بالمثل من حق العراق وكل العرب معاملة اسرائيل الشرقية بالمثل باعتبارها العدو الرئيس في هذه المرحلة وكل اضعاف لها يخدم قضايا العرب مادامت تعاديهم وتحتل اراضيهم وتعمل على تغيير هوية اقطارهم القومية وتزرع المستوطنين الفرس وغيرهم في العراق وسوريا وغيرهما . ولكن يبقى السؤال هو هل حقا ستقوم امريكا بضرب اسرائيل الشرقية ونغولها العرب ؟ ثمة شك عميق بحصول ذلك . 10-نأتي الان الى استخدام وصف العدوان الثلاثي فهذا الوصف يضع نظام بشار في موقع واحد مع عبدالناصر رغم ان نظام اسد بتركيبته مناقض لنظام عبد الناصر ،فالعدوان الثلاثي في عام 1956 وقع على نظام تحرري وطني وقومي امم القناة واجرى اصلاحات تقدمية في مصر وطرد الاستعمار الاوربي ودشن عهد النهوض القومي الجامح لاول مرة منذ مئات السنين ،فكان العربي في مراكش يهتف (من المحيط الهادر) فيرد عليه اليمني (لبيك عبدالناصر ) في اعظم انطلاقة قومية تحررية حتى تلك المرحلة ، فهل لبشار اعمال وطنية ومأثر تاريخية كي نستخدم نفس الوصف الذي اطلق على حرب عام 1956 ؟ كلا ولقد قدمنا امثلة تكفي لتأكيد ان نظام اسد منذ قيامه وحتى الان اداة بيد قوى الاستعمار والصهيونية وتاريخه مغمس بدم الشعب والخيانات الوطنية والقومية والغدر بالعرب وبالفساد المتجذر . اضافة الى انه لا يمكن مقارنة هذه الضربة الشكلية التي لم تستمر اكثر من 50 دقيقة لبعض مقرات النظام ولم يقتل فيها انسان واحد بالحرب الشاملة ضد مصر عبدالناصر والتي استمرت عشرة ايام والحقت دمارا هائلا بمدن مصرية وفقدنا شهداء كثر وادت الى ازمة كادت تؤدي الى حرب عالمية وهو ما جعلها تطلق اكبر نهوض قومي عربي تجلى في مقولة عبدالناصر الخالدة ( ارفع رأسك يا اخي فانت عربي ) .وعلى النقيض من ذلك ادت سياسات اسد الى انحناء رأس العرب وكسر رقابهم وهو يتمتع بميزة دعم الغرب والشرق له لانه نظام يحقق اهداف كافة القوى المعادية للامة العربية ،والحرب تشن على سوريا وليس على النظام والنظام احد الاطراف التي تساهم في حرب تدمير سوريا ، وهو لذلك لايتمتع باي احترام لا من الغرب ولا من الشرق وطريقة منع بشار من الالتحاق ببوتين من قبل ضابط روسي تقدم لنا صورة لاحتقار الروس لبشار وهزاله الشخصي بينما كان ناصر تنحني له قامات عمالقة الغرب الاستعماري وتتمنى الوقوف الى جنبه ! 11-ماهي التسمية التي تناسب ما حدث ؟ الذي حدث هو خطوة في مسار حرب المصالح الامبريالية الدولية والاقليمية فالضربة ليست اكثر من تبادل لكمات بين اطرف كلها تعمل على تدمير سوريا وهو صراع فيلة وقرود وضباع فوق بيوت السوريين التي تهدم ومعها تزهق ارواح الاف السوريين شهريا، وتلك الحقيقة هي التي تجعلنا نؤكد على انها ضربة تؤدي بالنتيجة الى التمهيد لما هو اخطر والحاق اضرار اضافية بالشعب وما تبقى من البنية التحتية بينما نظام بشار يسخرها لاستعادة بعض قوته ليواصل قتل الشعب . واذا كان المقصود بالعدوان هو العدوان على سوريا فنعم انه عدوان عليها ولكن علينا ان ننتبه الى حقيقة لايمكن تجاهلها وهي ان العدوان على سوريا لاتقوم به الاطراف الثلاثة امريكا وبريطانيا وفرنسا فقط بل هو عدوان يقوم به ايضا وقبل غيره نظام بشار الذي بدلا من الاستجابة لمطاليب سلمية مشروعة للشعب قام بذبح حوالي مليون سوري ،واسرائيل الشرقية مجرمة اخرى دخلت هي ونغولها لدعم نظام بشار فالحقت الخراب بسوريا وهجرت اكثر من 13 مليون سوري وغيرت هوية الكثير من سكان سوريا وصارت هي قوة الاحتلال الرئيسة في سوريا ، وكذلك روسيا التي دخلت الحرب كوسيلة للضغط على امريكا للاعتراف بها شريكا لها في قيادة العالم.هؤلاء كلهم يشاركون في العدوان على سوريا .واذا اعتبرناه عدوانا على النظام فاننا سندعم كل الجرائم التي ارتكبت ومنها ابادة حوالي مليون سوري وتهجير 13 مليون سوري وتدمير مدنا سورية بالكامل وتبرير سياسات نظام بشار الاجرامية اضافة لدعم غزو اسرائيل الشرقية لسوريا . 12-واخيرا نناقش اهمية اللغة ومعاني الكلمات في الصراعات السياسية المعقدة كما حصل حينما استخدم البعض وصف العدوان على ماجرى لنظام بشار واحد الاسباب هو الالتباسات اللغوية ، فلقد استخدم العرب حكومات وقوى سياسية وصفا لحرب عام 1956 هو (العدوان الثلاثي) على مصر و(عدوان عام 1967) الذي شنته اسرائيل الغربية على مصر وسوريا والاردن وفلسطين طبعا ، وهما وصفان خاطئان فهما لغويا عدوان ولكنهما اكبر بكثير من مصطلح العدوان فقد كانا حربان استعماريتان دامت الاولى عشرة ايام قاسية ودموية بينما دامت الاخرى ستة ايام ادت الى استشهاد مئات العرب وخراب شامل خصوصا الخراب النفسي والمادي ،وكان يجب على العرب عدم استخدام وصف العدوان بمفرده وانما استخدام لغة واضحة تحدد حقيقة ما حصل بنوعيته واثاره واهدافه فهي كانت حربا عدوانية استعمارية ولم تكن مجرد عدوان ثلاثي . اذا : كلمة (عدوان) وحدها وصف يقزم تلك الحرب والتي غيرت مسار الوطن العربي والعالم كله، وبعكسنا فان الغرب عرف كيف يحدد الاسم المناسب لاهميته الايحائية فوصف حرب عام 1956 في موسوعة ويكيبيديا مثلا كالتالي : (وتعد واحدة من أهم الأحداث العالمية التي ساهمت في تحديد مستقبل التوازن الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت حاسمة في أفول نجم القوى الاستعمارية التقليدية، وتألق نجوم جديدة على الساحة الدولية)! انتهى الاقتباس .وبناء عليه سمى الغرب ما حصل ب(حرب 1956 ) أو (أزمة السويس) أو (حرب السويس) أو (حرب سيناء) أو (حملة سيناء). ان ضرورة التحديد الدقيق لما حدث تظهر حينما نلاحظ ان العدوان يمكن ان يكون قذفا بالكلام او شتيمة كما يمكن ان يكون حربا كارثية مع ان الفارق بين الاثنين نوعي وكبير ،وهنا تبدو لنا نتيجة وصف حرب كارثية بالعدوان فقط وهي تقزيم الحدث وجعله مثل شتيمة وهي عدوان ايضا وهو ما يخفي الطابع الكارثي للعدوان عن الرأي العام مع انه اهم عناصر تقييم الحدث وتلك النتيجة تخدم من شن الحرب خصوصا امام الرأي العام في بلده .فلكي نثبت وجود طرف معتدي في حرب شاملة كلفت عددا ضخما من الشهداء وخسائر مادية للعرب وانهيارات معنوية كارثية لابد من تحديد درجة ونوعية العدوان ونختار التسمية المناسبة لنوعيته التي تتجنب انزال مرتبته الى مستوى يخدم العدو اذا صورناه على انه مجرد عدوان وليس عدوان بمستوى حرب شاملة مدمرة ، فالتسمية الصحيحة هنا ليست ضرورة قانونية فقط بل هي الزاما لغويا وواجبا قوميا بنفس الوقت. نلاحظ هنا لغما زرعناه نحن نتيجة ضعف وعينا بقدرة الحروف على تصفية قضايا عادلة، فلم نكتشف اللعبة اللغوية للورد كارادون عندما قدم مشروع قرار 242 في عام 1967 وهو ملغوم فاقره العرب ووقعوا في فخ مدمر،وقبله وقعنا في فخ اخر قزم الحرب العدوانية في عام 1956 بالاكتفاء بوصفها بالعدوان،والان نقع بنفس الفخ بوصف ما حدث في سوريا بانه مثل العدوان الثلاثي على مصر وتلك اهانة لالاف الشهداء السوريين وتضييع لحقوق الشعب العربي السوري البطل . Almukhtar44@gmail.com
27-5-2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق