#7نيسان_ميلاد_امة

اخر الاخبار

الاثنين، 4 مارس 2019

صلاح المختار جدلية القومية والدين والطائفة 1




جدلية القومية والدين والطائفة 1

صلاح المختار

تناولت بكتاباتي منذ سبعينات القرن الماضي داخل وخارج العراق العلاقة بين القومية والدين لكشف العوامل المخابراتية التي حركت وتحرك الموجة الاسلاموية الخطيرة ،وبعد تصعيد المخطط المبني على اشعال صراعات مدمرة اسلامية –اسلامية ،ثم سنية – شيعية ، ثم سنية- سنية وشيعية –شيعية تناولت الموضوع بعمق اكبر وذلك لتوفر التطبيق العملي لكافة المفاهيم المتعلقة بالدين والقومية وسقوط الاقنعة التضليلية وانكشاف المحرك المخابراتي الرئيس لتلك الفتن ، والان ونحن نشهد وصول تلك الفتن والتشرذمات قمتها والامعان في استهداف القومية العربية بواسطة استغلال الدين والطائفة حان وقت مناقشة جدلية العلاقة بين القومية والدين والطائفة . تحت انظارنا كنز هائل من الحقائق تبلورت على الارض وليس في النظريات فقط حول قوة تأثير القومية والدين والطائفة على البشر خصوصا بعد ظهور داعش والذي توج ما بدأته القاعدة في افغانستان ونقلته للوطن العربي ،وما بلورته الخمينية ونظريتها الاساسية وهي ولاية الفقيه والتي تحاول تصديرها لنا وتوج ذلك بالغزو الاستعماري الايراني للعراق وسوريا والمحاولة المسلحة لغزو اليمن والسيطرة الابتزازية على لبنان والاعراب العلني عن مطامع اسرائيل الشرقية في دول الخليج العربي وغيرها.لذلك نستطيع الان حسم الكثير من القضايا التي كانت نظرية ويصعب الجزم بها ولكننا نراها مطبقة عمليا وذلك دليل يحسم اي نقاش . اول الحقائق حقيقة زمنية فرضت نفسها واكدتها خمسة عقود من الاحداث الخطيرة وهي ان القومية اقدم بكثير من كل الديانات والطوائف ،ولهذا فهي اعمق تغلغلا في التكوين البشري من الديانات ناهيك عن انها وسيلة تفاهم لانه بدون اللغة القومية لاتفاهم ولا اتصال ولا مجتمع ولا دين ، فقط راجعوا التاريخ حتى المزور الذي كتبه الغرب الاستعماري ترون ان اللغة العربية سبقت اليهودية والمسيحية والاسلام بالاف السنين ولها جذور في فترة ما قبل انتهاء العصر الجليدي الاخير واثارها موجودة في اغلب بقاع العالم من اوربا الى الامريكتين الشمالية والجنوبية مرورا بافريقية وهو ما سنتطرق له ، وطبقا لذلك الدين لاحق للقومية وعبر عنه بلغة قومية وبدون تلك اللغة ما كان ممكنا ظهور اي دين . لننطلق من هذه الحقيقة التي لايمكن انكارها في بحث عدة قضايا تتعلق بالقومية وعلاقتها بالدين والطائفة،وهنا لابد من التأكيد على ان من يريد معرفة الحقائق المتعلقة بهذا الموضوع عليه اولا ان يترك خارج تفكيره ما كتبه الغرب لنا وما دس في مناهجنا الدراسية وثقافتنا الرسمية من تزويرات فجة اخذت تتهاوى امام زحف الحقائق المادية المعبر عن بعضها بما قدمه العلم في الغرب ذاته وليس عندنا ، خصوصا علم الجينات الذي اثبت ان جنوب ووسط اوربا كانت وطنا للعرب قبل الاوربيين الحاليين باربعين الف عام وهم زحفوا حتى وصلوا اسكندنافيا ووجدت اثارهم فيها ،وهو ما سنوضحه . القومية قبل كل شيء تربية ثقافية- عائلية -مجتمعية وهوية تعريف بالانسان في ان واحد ،واهم وظائفها انها وسيلة تواصل بشرية وليست ايديولوجية كما يدعي البعض للحط من شأنها، فانت لاتستطيع التفاهم مع غيرك الا باللغة بينما الدين يمكن الايمان به بواسطة اكثر من لغة ، 


وهنا نرى اهم مصادر الالتباسات الدينية التي تفسر النصوص تبعا للثقافة القومية وخير مثال هو التفسير الفارسي للاسلام وما نتج عنه من كوارث نعيش احد اخطر فصولها منذ وصل الاسلامويون للحكم في اسرائيل الشرقية . اننا نواجه ثنائية مربكة جدا وهي ان القومية اكثر تشعبا وتغلغلا في تكوين الانسان الثقافي والتطبيقي اي العملي والتواصلي من اي دين معروف،فبدون اللغة لاتواصل ولا تفاهم بين البشر فهي اذا حاجة مادية ووجودية وليست نظرية ولا ايديولوجيا ، بينما الدين يتميز بانه بناء ايديولوجي اكثر قوة وتأثيرا من القومية عندما يتعلق الامر بالايمان بالله وهي حالة روحية قوية جدا وهائلة التأثير على الانسان ،ولكن ما ان يتعرض الانسان العادي للتحديات المميتة حتى نرى حقائق قوة كل من الدين والقومية ومدى رسوخهما في التركيب النفسي للناس . وهنا من الضروري ملاحظة ما يلي بانتباه مستمر : فثمة فرق نوعي بين ايمان الطليعة الدينية والقومية والطائفية ،وهي النخب المثقفة والواعية ،وبين ايمان الناس العاديين بكل تلك العلاقات ، فلئن كانت الطليعة واعية بما تؤمن به وتدرس او تعيد النظر فيما توارثته من العائلة والمجتمع وهي لذلك راسخة الايمان فان الناس العاديين يتوارثون الايمان الديني والهوية القومية من العائلة والمحيط بلا نقاش او اعادة نظر او حتى الشك بهما فتتسم انتماءتهم تلك بالتوارثية فهم يرثون ما لم يختارونه ولايعون الا القليل منه ويعوضون عن نقص الوعي بدوغما Dogma ( مسلمة ،جمود، تصلب، تطرف...الخ) الايمان ومنع النقاش حوله ورفض المس به اي تحويله الى تابو (مقدس ) ممنوع التعرض له او التشكيك به . وهذه الحالة ورغم انها مصدر التطرف الديني الا انها بنفس الوقت المصدر الاول للردة الدينية والتحول من دين لاخر او من طائفة لاخرى ،هنا نستطيع تفسير الاسباب التي تجعل تبدلات الناس ممكنة تحت ضغوط معينة حتى في الدين والطائفة بينما تبقى الهوية القومية راسخة رغم الضغوطات لانك تستطيع التخلي عن طائفتك ودينك عندما تتعرض للتهديد وانت بوعي سطحي ولكنك لاتستطيع التخلي عن لغتك تحت اي ضغط مادامت وسيلتك الوحيدة كبشر للتفاهم مع غيرك ، بدليل ان المهاجر العربي وغير العربي لايستطيع الفرار من هويته القومية واللغوية حتى مماته ويكون خلال وجوده في المهجر اسير هويته الاصلية بلا شك ، وتبدا عملية تغيير الهوية في الاجيال الجديدة التي تولد في المهاجر وتفقد صلتها اللغوية والثقافية بالامة تدريجيا،وهذا يشمل المثقف الواعي اي الطليعي والانسان العادي فتعبيرات الهوية القومية بهذا المعنى راسخة ولا تتبدل الا بصورة طفيفة جدا حتى في ظل تحديات قوية . ولكن وعلى النقيض من ثبات الهوية القومية لاحظنا ان الضغوط المميتة على العراقيين بعد الغزو ادت الى بروز ظاهرة لم تكن موجودة وهي تغيير الطائفة بل وتغيير الدين من قبل بعض عامة الناس ،خوفا او انتهازا للفرص ، اما بعض من انتموا للطليعة الدينية وهم من تثقف فان تنقلاتهم الدينية والطائفية اقل بكثير ،رغم ان الطليعة المثقفة شهدت ايضا تحولات في الدين والطائفة اما خوفا في داخل العراق وسوريا واليمن مثلا ،او بعد التحرر من عوامل الردع في المهاجر وطغيان التثقيف العائلي السري للدين السابق للاسلام فترك البعض الاسلام ،وانا اعرف مثقفين عراقيين اعتنقوا المسيحية في المهجر لسطحية ايمانهم الديني وتوارثه . كما ان هناك ظاهرة اخرى رأيناها في المهجر وهي ان الكنائس وبعض الحكومات الاوربية كانت تمنح اللجوء للمسيحي وتعرقله او تمنعه بالنسبة للمسلم فصار هذا يساعد على تهديم الانتماء الديني بالنسبة للبعض ،والتحول نحو المسيحية ،لانه كان هناك من يعرض عليه التخلي عن الاسلام مقابل منحه اللجوء !!! وفي حالة اقل تشددا فان المسيحي تعد له الشقق قبل وصوله وعندما يصل ينقل فورا بباصات الى شقة مؤثثة ويمنح كافة حقوق اللاجي بينما المسلم يوضع في معسكر لفترة طويلة تتجاوز السنة وهناك يتعرض للكثير من المضايقات . لماذا حصل التنقل بين الاديان والطوائف بينما بقيت الهوية القومية ثابتة حتى ممات المهاجر؟ ولم فشلت محاولات ازالة الهوية القومية في العراق وسوريا بينما نجحت بعض عمليات تغيير الهوية الطائفية في بعض المناطق فيهما ؟ السبب واضح وهو ان الهوية القومية اداة عيش وتفاهم باللغة والتقارب الثقافي عبر اللغة الواحدة او المشتركة فهي حالة لاصلة لها بمكونات فكرية او ايديولوجية تقبل او ترفض كما في الدين والطائفة فانا عربي واستطيع التحدث مع العربي من الجزائر وموريتانيا وفي المهجر الاوربي وفي امريكا وفي السودان بلغتي ولغته الام دون عوائق ،وهذه اللغة ولدت ثقافة مشتركة اقدم من ثقافة الدين والطائفة واكثر رسوخا ، فانا اتعايش تلقائيا مع كل انسان عربي من اي دولة وديانة واثنية بكل سهولة ،بل كنا قبل عصر الفتن الطائفية المصطنع لانعرف دين او طائفة العربي الاخر الذي نتعايش معه ولا نتجرأ على السؤال عن ذلك لان هويتنا الجامعة والراسخة هي العروبة اولا وقبل كل شيء . ولعل اهم ما في الهوية القومية هو انها لاتفرض على العربي دينا معينا ولا طائفة معينة ولا وضعا معينا سوى القدرة على التحدث بالعربية والتشبع بثقافتها والاعتزاز بتاريخ العرب بينما الثقافة الدينية والطائفية تجبرني على مناقشة ايهما افضل ديني او طائفتي ام دين وطائفة العربي الاخر ! وهنا نرى عامل التشرذم والفتن العمياء في بنية الطائفية . ومن المفارقات المدهشة التي نراها هو اننا رأينا تحولات دينية ولو محدودة من الاسلام للمسيحية في وقت يشهد الغرب خصوصا اوربا وامريكا تحولات كبيرة من المسيحية الى الاسلام وهي ظاهرة تفرض طرح السؤال التالي: لماذا ينتشر الاسلام في الغرب بينما نرى العكس لدينا ؟ لم هذا التناقض في نفس الظاهرة؟ هل لان القومية ليست مجرد ايمان سواء كان واعيا او متوارثا وانما هي هوية اتصالية في المقام الاول بينما الدين والطائفة ايمان ديني يتعلق بالصلة بالله وبرسله وبمن يضاف اليهما في المقام الاول ؟ يتبع. Almukhtar44@gmail.com 

3-3-2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Disqus Shortname

الدكتور المهندس اكرم// ساسة امريكا تردد شعارات البعث واحاديث القائد المجاهد

ساسة امريكا تردد شعارات البعث واحاديث القائد المجاهد ...................................................... الدكتور المهندس اكرم// ...