#7نيسان_ميلاد_امة

اخر الاخبار

الثلاثاء، 12 ديسمبر 2017

جومرد حقي إسماعيل استهداف القومية العربية .. إلى أين ؟



جومرد حقي إسماعيل



نشأة القومية العربية باكتمال مقوماتها من لغة مشتركة وتأريخ ووحدة الأرض والشعب مع نشأة القحطانيين وموطنهم بلاد اليمن وهم أصل العروبة ومعهم العدنانيون وموطنهم بلاد نجد والحجاز ، واستكملت مقومات القومية العربية بالرسالة المحمّدية التي حملت الدين الإسلامي حيث خص الله تعالى العرب بها ومنهم إلى الناس كافة ، ويرجع أصل اللغة العربية إلى القرن السادس الميلادي وموطنها العراق ، لكن ، نشأة العرب ترجع إلى أكثر من ألفي عام قبل الميلاد ودولتهم الغساسنة الذين كان موطنهم اليمن وهجروا اليمن بعد انهيار سد مأرب متجهين إلى الشمال حتى استقروا في العراق وبلاد الشام ، ويعرف عن الغساسنة أنهم ما انفكوا يتصدون إلى هجمات الساسانيين الفُرس ، ولم يشهد التأريخ أي انتصار للفرس على العرب .

إذاً ، فالقومية العربية هي حياة جمعت أناس على خصال وخصائص وعوامل مشتركة وسُمّوا بالعرب ، وقد اشتهر العرب منذ نشأتهم بالاتحاد والقوة حيث أن مقومات ذلك حاضرة في جمعهم وهي اللغة والتأريخ ووحدة الأرض والدين .

إن القومية العربية قد خصها الله في كتابه الكريم ، وأكد رسول الله ، صلّى الله تعالى عليه وسلّم على المعنى القومي في حديثه (( احبوا العرب لثلاث ، لأني عربي ، ولأن القرءان عربي ، وكلام أهل الجنة عربي )) ، ومن ذلك فإن حب العرب فرض في العقائد ، وأن من يبغض العرب فهو خارج ملة الإسلام ، والإسلام هنا هو كل من أسلم وجهه لله حنيفاً وما كان من المشركين .

وكي لا يطول بنا الكلام ، سنستعرض حياة العرب من بداية الرسالة المحمّدية إلى يومنا هذا ، حيث وقد تجلت وحدة العرب في أعلى معاني وحدتهم مع اجتماعهم على الدين وعلاقته الإنسانية مع باقي الناس وأديانهم المتنوعة ومعاشهم بين ومع أخوتهم المسلمين ، أي أن المجتمع العربي مجتمع محبة وسلام عيسى بن مريم ، عليه السلام ، ومجتمع أخوة موسى وهارون ، عليهما السلام ، ومجتمع الرحمة الإسلامية والرحمة المهداة إلى الناس كافة ، سيدنا رسول الله ، صلّى الله تعالى عليه وسلّم ، ولو تدبرنا مفاهيم وتعاليم الأديان لوجدناها تجتمع على أسس ومقومات القوة والتعايش بين الناس ، وهي :

1. مفهوم المحبة والسلام والتسامح بين أبناء الأمّة الواحدة .

2. مفهوم التآخي والتعاضد والإسناد بين أبناء الأمّة الواحدة .

3. مفهوم التراحم والتوادد وحسن الظن بين أبناء الأمّة الواحدة .

من هذه المفاهيم ومقومات القومية العربية نستنتج أسس قوة الأمّة التي تكمن في اتحادها وتآلفها وعلاقتها بالأمم الأخرى ، ولم يشهد تأريخ العرب أنهم كانوا يبتدؤوا الغير بالأذى ، بل كانوا دائماً في حال التصدي للأذى الوارد من الخارج وخاصة من جهة الدولة الساسانية الفارسية ، وحتى في الفتوحات الإسلامية ، فقد سرت وصية الخليفة الراشدي أبو بكر الصديق ، رضي الله تعالى عنه ، لجيش أسامة بن زيد ، رضي الله تعالى عنه ، في الجيوش الإسلامية الفاتحة ، والوصية تقول :

( يا أيها الناس قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني : لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلاً صغيراً أو شيخاً كبيراً ولا امرأة ولا تعقروا نحلاً ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة ، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له ، وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام فإذا أكلتم منها شيئا فاذكروا اسم الله عليها ، وتلقون أقواماً قد فحصوا أوساط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب فأخفقوهم بالسيف خفقاً ، اندفعوا باسم الله ) .

فليس من طبع العرب وأخلاقهم الغدر أو نكث العهود المواثيق ، ومن أخلاقهم الإحسان للجار من الأقوام والملل الأخرى ، حتى أن عمر بن الخطاب ، رضي الله تعالى عنه ، ما دعا الله ليهلك الفرس ، لكن ، كان دعاؤه ( اللّهم اجعل بيننا وبين فارس جبلاً من نار ) ، لكن ، العرب من خصالهم الفروسية والشجاعة ، فخبرهم التأريخ بشدة بأسهم على من يعتدي عليهم وما المعارك التي خاضها العرب في اليرموك وذي قار والقادسيتين وحطين إلا شواهد على قوة العرب وشجاعتهم وجهادهم في سبيل الله واشتياقهم لنيل إحدى الحُسنيين ، النصر أو الشهادة ، حيث كانت القيادة العربية موحدة وبأيدي رجال حفظوا عروبتهم وسمو روح معانيها وعهدهم مع الله تعالى ومع شعبهم ، فكانت سيوفهم مشرعة وأرواحهم منذورة في حفظ عزّة وكرامة الأمّة وحرماتها وحياضها .

اليوم ، وقد تراجعت الأمّة وتداع عليها أعداؤها من الفرس المجوس والصهاينة وجمع من الغرب تقودهم أمريكا الأعورية ، في زمن صار الحكام المسلطين على رقاب الشعب العربي ديدنهم حفظ عروشهم وأموال السحت الحرام التي سلبوها من حقوق الشعب العربي وتفريطهم بخيرات الأمّة وتجييرها لحساب أعدائها ، وارتبط جلّهم عملاء لحساب المشاريع الصفوية والصهيونية وبالرعاية الأمريكية حتى غدو أذرعاً وأدوات قمع للعروبة والشعب العربي وتقتيله وتهجيره في أخبث وأحقر مخطط يستهدف الأمّة العربية قاطبة من خلال استهداف القومية العربية ومشروع ما يُسمى بالقومية اليهودية على الأرض العربية المحتلة والقومية ( الشيعية ) الصفوية وأطماعها التوسعية وأحلامها في استعادة امبراطوريتها .

إن الذي يجري على الساحة العربية اليوم هو استشعار الغرب والصهيونية والصفوية بأن قوة العرب تكمن في اتحادهم ، فكان لابد من زرع الفتن والفرقة بين الشعب العربي وأبناء البلد الواحد وصولاً إلى حالة الاقتتال على طريق تصفية وإبادة العنصر العربي ، حيث أيقنوا أن معاني العروبة ومفاهيمها وأثرها في النفس فطرية لا تُغادر الأصلاء وأصحاب المرضع والصلب الطاهر ، وأن من أهم المخططات لحفظ الربيبة ( إسرائيل ) هو إضعاف العرب وتدمير الروح الثورية فيهم وتخريب بناهم التحتية حتى يصل العرب إلى الحالة التي لا يمكن لهم العيش بدون الحضور الأمريكي والصهيوني والفارسي وفتاتهم ، فلا زرع ولا صناعة ولا مأكل ولا مشرب إلا وقد صارت بيد الإرادة الأمريكية والصهيونية والفارسية ، وهذا بالتحديد الذي يحصل على الساحة العربية وبتواطؤ القادة ( العرب ) وغفلة جماهيرية إلا من رحم ربي .

بعد احتلال فلسطين وحرب عام ألف وتسعمائة وثمانية وأربعين ، نشط الفكر القومي في الوطن العربي ، وتأسست الأحزاب والحركات القومية ، وتمكن بعضها من تسلم مقاليد السلطة هنا أو هناك على الساحة العربية ، فكانت حاضرة في مصر وزعيمها جمال عبد الناصر ، وفي العراق وقيادة جزب البعث العربي الاشتراكي والقائد الشهيد ، صدام حسين المجيد ، وفي اليمن وليبيا ، وسوريا قبل انقلاب المجرم حافظ الأسد على الثورة ، وغيرها من بلاد العرب .

لقد استهدف أعداء العروبة مما استهدفه هو الحركات والأحزاب القومية وقادتها الثوار ، فكان اغتيال واستشهاد صلاح الدين البيطار وتبعه جمال عبد الناصر ثم الملك فيصل بن عبد العزيز وياسر عرفات وصدام حسين ومعمر القذافي وعلي عبد الله صالح ، وغيرهم من الثوار الذين استشهدوا اغتيالاً وغدراً على مرِّ التأريخ الواقع ما بين أربعينات القرن الماضي ويومنا الحالي ، كل ذلك ليظهر على الساحة العربية قادة مسلوبو الإرادة إمعات منبطحين لا قرار سيادي لهم مطيعين ومنفذين للإملاءات والقرارات الخارجية الصادرة في البيت الأسود الأمريكي والكنيست الصهيوني والمعابد الزرادشتية الفارسية المجوسية .

إن القومية العربية اليوم بحاجة إلى نهضة فكرية من شأنها إعلاء الروح الثورية في أبنائها التي ألهتهم الفضائيات وتكنلوجيا الاتصالات عن واجبات العروبة والمعاني الوطنية ، فمنذ أكثر من عشرين عاماً قد تركز القتل والتهجير والتدمير في أمّة العرب حصرياً حيث اجتمع إعداء الله وأعداء العروبة والإسلام في خندق أمريكا وبألبسة الصهيونية والصفوية وتفرق العرب إلى خنادق يقتل بعضهم بعضاً بدعاوى الطائفية وفتنتها الشريرة القذرة ودعاوى التكتلات المناطقية والتمايزات العنصرية ، ويكاد لم يبقى في هذه الأمّة سوى حزب البعث العربي الاشتراكي بقيادته العقائدية الجهادية الذي لا يزال يحفظ فكره القومي وأهدافه في الوحدة والحرية والاشتراكية ، ولا يزال قادته ديدنهم عزّ الأمّة ورفعتها وكرامتها ، ثم بعض الحركات القومية هنا أو هناك والتي غالباً ما تفتقر إلى قيادة مركزية راشدة .

إن الجبهة الشعبية العربية المنبثقة عن المؤتمر الشعبي العربي تعتبر خطوة ثورية مهمة على طريق استعادة عافية الأمّة ولملمة مقومات قوتها وجعلها تحت قيادة مركزية واحدة من شأنه ضمان وحدة الفكر والوسيلة في التصدي لاستهدافات الأعداء ومخططاتهم الخبيثة وتمددهم في جسد الأمّة وتنقية البلاد العربية من الرؤوس الخاوية التي تتلاعب بمقدرات أمّتنا العربية وجماهيرنا الأبية .

نعم ، وبالرغم من شدة وقوة الاستهداف لأمّتنا العربية ومرتكزاتها القومية وجماهيرها الأبية ، إلا أن المؤتمر الشعبي العربي الذي انعقد في تونس الحبيبة أوائل كانون الأول / ديسمبر من العام سبعة عشر وألفين ، قد أطلق بارقة الأمل وأعلن للعالم أجمع أن العروبة لا تزال تتنفس وتحيا في صدور أبنائها البررة النجباء ، وأن العرب لا يزالوا ذو بأس شديد وهمّة في التصدي والمجابهة .

لقد شهد التأريخ هجمات كثيرة على أمّتنا العربية واستعمارات واحتلالات متعددة الأشكال والألوان ، ويشهد التأريخ زوالها بثورات وانتفاضات الأحرار لتبقى القومية العربية حاضرة ومنارة في السلام ورمزاً في البطولة والإقدام ، وكما أرادها الله تعالى وفي قوله جلّ جلاله { وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } .

والله أكبر ، وليخسأ الخاسؤون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Disqus Shortname

الدكتور المهندس اكرم// ساسة امريكا تردد شعارات البعث واحاديث القائد المجاهد

ساسة امريكا تردد شعارات البعث واحاديث القائد المجاهد ...................................................... الدكتور المهندس اكرم// ...